كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



فماذا يكون هذا إلا أن يكون مصداقاً لنبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين؟ وماذا يكون هذا إلا أن يكون المسخ الذي يحكيه الله سبحانه عن صاحب النبأ: {ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}.. ولو شاء الله لرفعه بما آتاه من العلم بآياته. ولكنه- سبحانه- لم يشأ، لأن ذلك الذي علم الآيات أخلد إلى الأرض واتبع هواه، ولم يتبع الآيات..
إنه مثل لكل من آتاه الله من علم الله؛ فلم ينتفع بهذا العلم؛ ولم يستقم على طريق الإيمان. وانسلخ من نعمة الله. ليصبح تابعاً ذليلاً للشيطان. ولينتهي إلى المسخ في مرتبة الحيوان!
ثم ما هذا اللهاث الذي لا ينقطع؟
إنه- في حسنا كما توحيه إيقاعات النبأ وتصوير مشاهده في القرآن- ذلك اللهاث وراء أعراض هذه الحياة الدنيا التي من أجلها ينسلخ الذين يؤتيهم الله آياته فينسلخون منها. ذلك اللهاث القلق الذي لا يطمئن أبداً. والذي لا يتركه صاحبه سواء وعظته أم لم تعظه؛ فهو منطلق فيه أبداً!
والحياة البشرية ما تني تطلع علينا بهذا المثل في كل مكان وفي كل زمان وفي كل بيئة.. حتى إنه لتمر فترات كثيرة، وما تكاد العين تقع على عالم إلا وهذا مثله. فيما عدا الندرة النادرة ممن عصم الله، ممن لا ينسلخون من آيات الله، ولا يخلدون إلى الأرض؛ ولا يتبعون الهوى؛ ولا يستذلهم الشيطان؛ ولا يلهثون وراء الحطام الذي يملكه أصحاب السلطان!.. فهو مثل لا ينقطع وروده ووجوده؛ وما هو بمحصور في قصة وقعت، في جيل من الزمان!
وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتلوه على قومه الذين كانت تتنزل عليهم آيات الله، كي لا ينسلخوا منها وقد أوتوها.
ثم ليبقى من بعده ومن بعدهم يتلى، ليحذر الذين يعلمون من علم الله شيئاً أن ينتهوا إلى هذه النهاية البائسة؛ وأن يصيروا إلى هذا اللهاث الذي لا ينقطع أبداً؛ وأن يظلموا أنفسهم ذلك الظلم الذي لا يظلمه عدو لعدو. فإنهم لا يظلمون إلا أنفسهم بهذه النهاية النكدة!
ولقد رأينا من هؤلاء- والعياذ بالله- في زماننا هذا من كان كأنما يحرص على ظلم نفسه؛ أو كمن يعض بالنواجذ على مكان له في قعر جهنم يخشى أن ينازعه إياه أحد من المتسابقين معه في الحلبة! فهو ما يني يقدم كل صباح ما يثبت به مكانه هذا في جهنم! وما يني يلهث وراء هذا المطمع لهاثاً لا ينقطع حتى يفارق هذه الحياة الدنيا!
اللهم اعصمنا، وثبت أقدامنا، وأفرغ علينا صبراً، وتوفنا مسلمين..
ثم نقف أمام هذا النبأ والتعبير القرآني عنه وقفة أخرى..
إنه مثل للعلم الذي لا يعصم صاحبه أن تثقل به شهواته ورغباته فيخلد إلى الأرض لا ينطلق من ثقلتها وجاذبيتها؛ وأن يتبع هواه فيتبعه الشيطان ويلزمه ويقوده من خطام هذا الهوى..
ومن أجل أن العلم لا يعصم يجعل المنهج القرآني طريقه لتكوين النفوس المسلمة والحياة الإسلامية، ليس العلم وحده لمجرد المعرفة؛ ولكن يجعل العلم عقيدة حارة دافعة متحركة لتحقيق مدلولها في عالم الضمير وفي عالم الحياة أيضاً..
إن المنهج القرآني لا يقدم العقيدة في صورة نظرية للدراسة.. فهذا مجرد علم لا ينشئ في عالم الضمير ولا في عالم الحياة شيئاً.. إنه علم بارد لا يعصم من الهوى، ولا يرفع من ثقلة الشهوات شيئاً. ولا يدفع الشيطان بل ربما ذلل له الطريق وعبدها!
كذلك هو لا يقدم هذا الدين دراسات في النظام الإسلامي ولا في الفقه الإسلامي ولا في الاقتصاد الإسلامي ولا في العلوم الكونية ولا في العلوم النفسية ولا في أية صورة من صور الدراسة المعرفية.
إنما يقدم هذا الدين عقيدة دافعة دافقة محيية موقظة رافعة مستعلية؛ تدفع إلى الحركة لتحقيق مدلولها العملي فور استقرارها في القلب والعقل؛ وتحيي موات القلب فينبض ويتحرك ويتطلع؛ وتوقظ أَجهزة الاستقبال والاستجابة في الفطرة فترجع إلى عهد الله الأول؛ وترفع الاهتمامات والغايات فلا تثقلها جاذبية الطين ولا تخلد إلى الأرض أبداً.
ويقدمه منهجاً للنظر والتدبر؛ يتميز ويتفرد دون مناهج البشر في النظر، لأنه إنما جاء لينقذ البشر من قصور مناهجهم وأخطائها وانحرافها تحت لعب الأهواء، وثقلة الأبدان، وإغواء الشيطان!
ويقدمه ميزاناً للحق تنضبط به عقول الناس ومداركهم، وتقاس به وتوزن اتجاهاتهم وحركاتهم وتصوراتهم، فما قبله منها هذا الميزان كان صحيحاً لتمضي فيه؛ وما رفضه هذا الميزان كان خاطئاً يجب الإقلاع عنه.
ويقدمه منهجاً للحركة يقود البشرية خطوة خطوة في الطريق الصاعد إلى القمة السامقة. وفق خطاه هو ووفق تقديراته.. وفي أثناء الحركة الواقعية يصوغ للناس نظام حياتهم، وأصول شريعتهم، وقواعد اقتصادهم واجتماعهم وسياستهم. ثم يصوغ الناس بعقولهم المنضبطة به تشريعاتهم القانونية الفقهية، وعلومهم الكونية والنفسية، وسائر ما تتطلبه حياتهم العملية الواقعية.. يصوغونها وفي نفوسهم حرارة العقيدة ودفعتها، وجدية الشريعة وواقعيتها؛ واحتياجات الحياة الواقعية وتوجيهاتها.
هذا هو المنهج القرآني في صياغة النفوس المسلمة والحياة الإسلامية.. أما الدراسة النظرية لمجرد الدراسة. فهذا هو العلم الذي لا يعصم من ثقلة الأرض ودفعة الهوى وإغواء الشيطان؛ ولا يقدم للحياة البشرية خيراً!
ويقف السياق وقفة قصيرة للتعقيب على ذلك المثل الشاخص في ذلك المشهد، للذي آتاه الله آياته فانسلخ منها، بأن الهدى هدى الله. فمن هداه الله فهو المهتدي حقاً؛ ومن أضله الله فهو الخاسر الذي لا يربح شيئاً:
{من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون}..
والله سبحانه يهدي من يجاهد ليهتدي، كما قال تعالى في السورة الأخرى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} وكما قال: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} وكما قال: {ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} كذلك يضل الله من يبغي الضلال لنفسه ويعرض عن دلائل الهدى وموحيات الإيمان، ويغلق قلبه وسمعه وبصره دونها. وذلك كما جاء في الآية التالية في السياق: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون}.. وكما قال تعالى: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً} وكما قال: {إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً إلا طريق جهنم خالدين فيها...} ومن مراجعة مجموعة النصوص التي تذكر الهدى والضلال، والتنسيق بين مدلولاتها جميعاً يخلص لنا طريق واحد بعيد عن ذلك الجدل الذي أثاره المتكلمون من الفرق الإسلامية، والذي أثاره اللاهوت المسيحي والفلسفات المتعددة حول قضية القضاء والقدر عموماً..
إن مشيئة الله سبحانه التي يجري بها قدره في الكائن الإنساني، هي أن يخلق هذا الكائن باستعداد مزدوج للهدى والضلال.. وذلك مع إيداع فطرته إدراك الحقيقة الربوبية الواحدة والاتجاه إليها. ومع إعطائه العقل المميز للضلال والهدى. ومع إرسال الرسل بالبينات لإيقاظ الفطرة إذا تعطلت وهداية العقل إذا ضل.. ولكن يبقى بعد ذلك كله ذلك الاستعداد المزدوج للهدى والضلال الذي خلق الإنسان به، وفق مشيئة الله التي جرى بها قدره.
كذلك اقتضت هذه المشيئة أن يجري قدر الله بهداية من يجاهد للهدى. وأن يجري قدر الله كذلك بإضلال من لا يستخدم ما أودعه الله من عقل وما أعطاه من أجهزة الرؤية والسمع في إدراك الآيات المبثوثة في صفحات الكون، وفي رسالات الرسل، الموحية بالهدى.
وفي كل الحالات تتحقق مشيئة الله ولا يتحقق سواها، ويقع ما يقع بقدر الله لا بقوة سواه. وما كان الأمر ليكون هكذا إلا أن الله شاءه هكذا. وما كان شيء ليقع إلا أن يوقعه قدر الله. فليس في هذا الوجود مشيئة أخرى تجري وفقها الأمور، كما أنه ليس هناك قوة إلا قدر الله ينشئ الأحداث.. وفي إطار هذه الحقيقة الكبيرة يتحرك الإنسان بنفسه، ويقع له ما يقع من الهدى والضلال أيضاً..
وهذا هو التصور الإسلامي الذي تنشئه مجموعة النصوص القرآنية مقارنة متناسقة، حين لا تؤخذ فرادى وفق أهواء الفرق والنحل، وحين لا يوضع بعضها في مواجهة البعض الآخر، على سبيل الاحتجاج والجدل!
وفي هذا النص الذي يواجهنا هنا:
{من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون}.
يقرر أن من يهديه الله- وفق سنته التي صورناها في الفقرة السابقة- فهو المهتدي حقاً، الواصل يقيناً، الذي يعرف الطريق، ويسير على الصراط، ويصل إلى الفلاح في الآخرة.. وأن الذي يضله الله- وفق سنته تلك- فهو الخاسر الذي خسر كل شيء ولم يربح شيئاً.. مهما ملك، ومهما أخذ؛ فكل ذلك هباء أو هواء! وإنه لكذلك إذا نظرنا إليه من زواية أن هذا الضال قد خسر نفسه. وماذا يأخذ وماذا يكسب من خسر نفسه؟!
ويؤيد ما ذهبنا إليه في فهم الآية السابقة وأخواتها نص الآية التالية:
{ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون}..
إن هؤلاء الكثيرين من الجن والإنس مخلوقون لجهنم! وهم مهيأون لها! فما بالهم كذلك؟
هنالك اعتباران:
الاعتبار الأول: أنه مكشوف لعلم الله الأزلي أن هؤلاء الخلق صائرون إلى جهنم.. وهذا لا يحتاج إلى بروز العمل الذي يستحقون به جهنم إلى عالم الواقع الفعلي لهم. فعلم الله سبحانه شامل محيط غير متوقف على زمان ولا على حركة ينشأ بعدها الفعل في عالم العباد الحادث.
والاعتبار الثاني: أن هذا العلم الأزلي- الذي لا يتعلق بزمان ولا حركة في عالم العباد الحادث- ليس هو الذي يدفع هذه الخلائق إلى الضلال الذي تستحق به جهنم. إنما هم كما تنص الآية:
{لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها}.
فهم لم يفتحوا القلوب التي أعطوها ليفقهوا- ودلائل الإيمان والهدى حاضرة في الوجود وفي الرسالات تدركها القلوب المفتوحة والبصائر المكشوفة- وهم لم يفتحوا أعينهم ليبصروا آيات الله الكونية. ولم يفتحوا آذاتهم ليسمعوا آيات الله المتلوة.. لقد عطلوا هذه الأجهزة التي وهبوها ولم يستخدموها.. لقد عاشوا غافلين لا يتدبرون:
{أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون}..
والذين يغفلون عما حولهم من آيات الله في الكون وفي الحياة؛ والذين يغفلون عما يمر بهم من الأحداث والغير فلا يرون فيها يد الله.. أولئك كالأنعام بل هم أضل.. فللأنعام استعدادات فطرية تهديها. أما الجن والإنس فقد زودوا بالقلب الواعي والعين المبصرة والأذن الملتقطة. فإذا لم يفتحوا قلوبهم وأبصارهم وأسماعهم ليدركوا. إذا مروا بالحياة غافلين لا تلتقط قلوبهم معانيها وغاياتها؛ ولا تلتقط أعينهم مشاهدها ودلالاتها؛ ولا تلتقط آذانهم إيقاعاتها وإيحاءاتها.. فإنهم يكونون أضل من الأنعام الموكولة إلى استعداداتها الفطرية الهادية.. ثم هم يكونون من ذرء جهنم! يجري بهم قدر الله إليها وفق مشيئته حين فطرهم باستعداداتهم تلك، وجعل قانون جزائهم هذا. فكانوا- كما هم في علم الله القديم- حصب جهنم منذ كانوا!
وبعد استعراض مشهد الميثاق الكوني بالتوحيد؛ واستعراض مثل المنحرف عن هذا الميثاق وعن آيات الله بعد إذ آتاه الله إياها.. يعقب بالتوجيه الآمر بإهمال المنحرفين- الذين كانوا يتمثلون في المشركين الذين كانوا يواجهون دعوة الإسلام بالشرك- الذين يلحدون في أسماء الله ويحرفونها، فيسمون بها الشركاء المزعومين:
{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون}..
والإلحاد هو الانحراف أو التحريف.. وقد حرف المشركون في الجزيرة أسماء الله الحسنى، فسموا بها آلهتهم المدعاة.. حرفوا اسم الله فسموا به اللات. واسم العزيز فسموا به العزى.. فالآية تقرر أن هذه الأسماء الحسنى لله وحده. وتأمر أن يدعوه المؤمنون وحده بها، دون تحريف ولا ميل؛ وأن يدعوا المحرفين المنحرفين؛ فلا يحفلوهم ولا يأبهوا لما هم فيه من الإلحاد. فأمرهم موكول إلى الله؛ وهم ملاقون جزاءهم الذي ينتظرهم منه.. وياله من وعيد!..
وهذا الأمر بإهمال شأن الذين يلحدون في أسماء الله؛ لا يقتصر على تلك المناسبة التاريخية، ولا على الإلحاد في أسماء الله بتحريفها اللفظي إلى الآلهة المدعاة.. إنما هو ينسحب على كل ألوان الإلحاد في شتى صوره.. ينسحب على الذين يلحدون- أي يحرفون أو ينحرفون- في تصورهم لحقيقة الألوهية على الإطلاق. كالذين يدّعون له الولد. وكالذين يدّعون أن مشيئته- سبحانه- مقيدة بنواميس الطبيعة الكونية! وكالذين يدعون له كيفيات أعمال تشبه كيفيات أعمال البشر- وهو سبحانه ليس كمثله شيء- وكذلك من يدعون أنه سبحانه إله في السماء، وفي تصريف نظام الكون، وفي حساب الناس في الآخرة.
ولكنه ليس إلهاً في الأرض، ولا في حياة الناس، فليس له- في زعمهم- أن يشرع لحياة الناس؛ إنما الناس هم الذين يشرعون لأنفسهم بعقولهم وتجاربهم ومصالحهم- كما يرونها هم- فالناس- في هذا- هم آلهة أنفسهم. أو بعضهم آلهة بعض!.. وكله إلحاد في الله وصفاته وخصائص ألوهيته.. والمسلمون مأمورون بالإعراض عن هذا كله وإهماله، والملحدون موعدون بجزاء الله لهم على ما كانوا يعملون!
ثم يمضي السياق يفصل صنوف الخلق.. بعدما ذكر منهم من قبل أولئك الذين ذرأهم الله لجهنم {لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها...} ومنهم هؤلاء الذين يلحدون في أسماء الله ويحرفونها.. ثم إن منهم أمة يستمسكون بالحق، ويدعون الناس إليه، ويحكمون به ولا ينحرفون عنه.. وأمة- على الضد- ينكرون الحق، ويكذبون بآيات الله! فأما الأولون فيقرر وجودهم في الأرض وجوداً ثابتاً لا شك فيه؛ وهم حراس على الحق حين ينحرف عنه المنحرفون، ويزيغ عنه الزائغون؛ وحين يكذب الناس بالحق وينبذونه يبقون هم عليه صامدين. وأما الآخرون فيكشف عن مصير لهم مخيف، وكيد لله إزاءهم متين:
{وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين}..
وما كانت البشرية لتستحق التكريم لو لم تكن فيها دائماً- وفي أحلك الظروف- تلك الجماعة- التي يسميها الله {أمة} بالمصطلح الإسلامي للأمة وهي: الجماعة التي تدين بعقيدة واحدة وتتجمع على آصرتها؛ وتدين لقيادة واحدة قائمة على تلك العقيدة- فهذه الأمة الثابتة على الحق؛ العاملة به في كل حين، هي الحارسة لأمانة الله في الأرض، الشاهدة بعهده على الناس، التي تقوم بها حجة الله على الضالين المتنكرين لعهده في كل جيل.